0

د. أحمد علي المجدوب

عالم الدكتور '' أحمد المجدوب '' يرحل فى صمت .. - منتديات الطريق إلى الله

الدكتور المجدوب لم يكن أول عالم يرحل إلى الآخرة، وسط تجاهل وسائل الإعلام، ولكنها سلسلة متواصلة من التغييب وعدم الالتفات لعلماء الأمة، سواء في مصر أو غيرها من الدول العربية الإسلامية، حيث لاقى هذا المصير أيضا فضيلة الشيخ "عطية صقر"، حتى أن الجماهير لم يصدقوا خبر وفاته بسبب عدم إذاعة الوفاة إلا في وسائل إعلامية محدودة، ولاقى نفس المصير أيضا فضيلة العلامة الدكتور "عبد الرشيد صقر".
تجاهل مستمر
تغييب وسائل الإعلام للعلماء وتجاهلهم ليس وليد اللحظة، ولكنه موجود في عالمنا الإسلامي منذ عشرات السنين، وكان لافتا للنظر أثناء وفاة كل من العالم الأزهري الشيخ "كشك"، وفضيلة العلامة الدكتور "جاد الحق على جاد الحق"، شيخ الأزهر السابق وأيضا الشيخ "محمد الغزالي" الذي لاقى نفس المصير .
والأمر المحزن أن تلك الوسائل الإعلامية التي تتجاهل علماء الأمة وترفض إعطاءهم حقهم في الإبراز، وترفض توصيل فكرهم المنير إلى أبناء الأمة، هي نفسها التي تنفرد صفحاتها وقنواتها لأخبار الفنانين والفنانات الذين يسيطرون على هذه القنوات، والسؤال ستعطي علماء الأمة حقهم؟.
الدكتور "محي الدين عبد الحليم" أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر الشريف، يرى أن السبب في تجاهل وسائل الإعلام العربية لعلماء الأمة، هو أن هناك ضلالا في المنظومة الإعلامية الإسلامية بشكل عام، حيث إنه - من المفترض - أن وسائل الإعلام هي التي تقود الجماهير وهي التي تشكل الرأي العام لديهم .
ولكن الأمر لا يحدث عندنا وليس ذلك فقط ولكن يحدث العكس.
ويضيف أنك عندما تواجه وسائل الإعلام بهذه الحقائق، يقولون لك: إن الجماهير هي التي تطلب أخبار الفنانين والفنانات، وتنجذب إليها، ويعزفون عن أخبار العلماء، ونحن نقدّم لهم ما يرون، ولكن هذا غير صحيح لأنه من المفترض ألا ينساق الإعلام وراء الجماهير، ولا ينساق أيضا وراء القنوات التي تقدم الجنس والعري والأغاني الهابطة، وتهمل البرامج الجادة التي تستضيف فيها كبار علماء الأمة من شتى المجالات والتخصصات؛ ولا تهتم بأخبارهم وأبحاثهم ودراساتهم .
جريمة كبرى
ويوضح الدكتور محي الدين : تجاهل وسائل الإعلام لأخبار كبار علماء الأمة هي جريمة كبرى تستحق المعاقبة ، ويجب ألا تمرّ علينا مرور الكرام؛ لأنها تكررت أكثر من مرة فلم يكن الدكتور المجدوب، هو الأول الذي يلاقي هذا المصير، ولن يكون الأخير في ظل عدم وجود إستراتيجية أو رؤية شاملة لدور الإعلام في العديد من الدول العربية، فلو كانت هناك إستراتيجية واضحة لعرفت تلك الوسائل الإعلامية احتياجات الرأي العام، وما ينبغي أن يتم التركيز عليه وما ينبغي إهماله أيا كانت حجم المكاسب والخسائر المادية من وراء هذا الأمر ، وبالإضافة إلى ذلك فنحن لم نسمع عن قيام أي وسيلة إعلامية في أي دولة عربية، بإجراء دراسة إعلامية عن احتياجات الرأي العام ومتطلباته ولكن جميعها تعمل بعشوائية .
ويحمل أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر القيادات الإعلامية مسؤولية ما يحدث من خلل وعشوائية، فمن المفترض أن يكون لهم دور رائد في التوجيه والتخطيط وبناء الرؤى المستقبلية .
جهل تاريخي وثقافي
ومن جهته يقول الدكتور "جمال عبد الهادي" أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر الشريف، أن عدم وجود الاتصال والتواصل الجيد بين علماء الأمة وعامتها، هو السبب فيما يحدث من تجاهل لأخبارهم ودراساتهم وأبحاثهم، فلو كانت تلك الوسائل، تعلم أن هناك جهة ضغط عليها أو مشكلة ستحدث لها؛ بسبب عدم اهتمامها بالعلماء لما فعلت ذلك .
ويضيف أن هناك حالة من الجهل العقيدي والتاريخي، معتمة لدى جماهير الأمة العربية والإسلامية ولدى قياداتها الإعلامية أيضا، وهو ما يؤدي بشكل دائم إلى تجاهل العلماء، وجعلهم في زواية النسيان دائما، علاوة على ذلك فإن هناك حالة من الخلل في منظومة القيم والأولويات الموجودة لدى المجتمع في الوقت الحالي، والتي جعلت الفنانين والفنانات أكثر أهمية من علماء الأمة الذين صنعوا تاريخها في الماضي والحاضر والمستقبل، ولذلك نستطيع القول: إن الأمة الإسلامية الآن مغيبة عن الوعي ولا تعرف أين مصلحتها وتنساق وراء الشهوات والمصالح المادية المباشرة والمزيفة في نفس الوقت.
وبدورة يقول الدكتور "صلاح الغزال" أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: إن الدكتور المجدوب يعد من أبرز علماء الاجتماع في مصر والوطن العربي، حيث إن له العديد من الدراسات والأبحاث الاجتماعية المتميزة التي أثرت المنظومة الاجتماعية بالعديد من المعلومات والنظريات الجديدة .
ويضيف أن تجاهل خبر وفاته هي جريمة مشتركة تتحملها كل من وسائل الإعلام والجماهير، ويشاركهم في ذلك علماء الاجتماع أنفسهم الذين لم يتحركوا تجاه ما يحدث، ولم يتخذوا موقفا إيجابيا تجاه هذا العلامة، حتى المركز الذي كان يعمل فيه لم يتحرك هو الآخر .
ويشير أن الدكتور المجدوب لا يستحق ما حدث له من قبل وسائل الإعلام، وهو الذي كان يقدرها ويحترمها ويشارك في العديد من الحوارات والندوات والفعاليات التي تقيمها الصحف والقنوات الفضائية.

إرسال تعليق Blogger

 
Top custom blogger templates